187      29933
  • كيف تأخذ الفتاة بالأسباب إذا تأخر زواجها؟
  • كريم حلمي
    كريم حلمي
    فقه حنبلي
  • ازاي البنت تاخد بالأسباب في موضوع زي تأخر الخطوبة والجواز ؟

     الزواج بكل مخاوفه تلك، وبكل أزهاره وأشواكه = رزقٌ من الواسع سبحانه وتعالى ..

     

    فالزوج نفسه وصلاحه رزق، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الدنيا متاع، وخير متاعها الزوجة الصالحة"، وكذلك الزوج الصالح، من رزق الدنيا ومتاعها ..

     

    حتى الحب والود بين الزوجين رزق، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عن خديجة رضي الله عنها: "إني قد رُزقت حبها" !! ..

     

    فالزواج السعيد بكل مقوّماته رزق من عند اللطيف الوهّاب سبحانه وتعالى ..

     

    فأعظم الأسباب - صدقًا من غير فذلكة أو خطابة - القرب من رب العالمين سبحانه وتعالى، والتعلّق به جل وعلا، واستغفاره ..

     

    والله جل وعلا يقول: "فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفّارًا . يرسل السماء عليكم مدرارًا . ويمددكم بأموالٍ وبنين" .. فمن إمداده سبحانه بالبنين = إمداده بأسباب ذلك من الزواج وغير ذلك ..

     

    والله جل وعلا يقول في حديثه القدسيّ: "أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني .. وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا ، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة" .. ومن آثار تقرّبه سبحانه أن يسارع جل وعلا في مرضاة عبده وفي سعادته ومسرّته !!

     

    ومن أعظم الأسباب التعلق بأستار الدعاء، ورفع القلب إلى رب العالمين ليبثّه شكواه وضعف حيلته وسعة فقره وشدة رغبته وعظم رجائه في مولاه ..

     

    وليعتبر المرء بموسى عليه السلام في شدة كربه وحاجته إلى قلبٍ يأوي إليه أكثر من حاجته إلى مسكنٍ يأوي إليه، فلما تدثّر بأرقى ثياب العفاف وطهارة القلب، وفرغ فؤاده من كل شئ ليرفعه - خفيفًا سريعًا - إلى ربه سبحانه ويقول: "رب إني لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقير" .. فيأتيه القلب الدافئ يمشي على استحياء ليأوي إليه، ويأتيه المسكن الهنيء ليحميه من وحشة العراء ووحشة قلوب الناس، وكل ذلك من غير حولٍ منه ولا قوة .. [ومن يتق الله يجعل له مخرجًا . ويرزقه من حيث لا يحتسب]

     

    وليت شعري ما كان دعاء فتاة مدين لتظفر بموسى وقلب موسى وشرف موسى من غير سبب منها ولا تدبير .. عليه السلام !!

     

    ومن ذلك الإكثار من الصدقة بنيّة الزوج الصالح والبيت الصالح والولد الصالح، فإن للصدقة أعاجيب !!

     

    ثم المرأة تطرق الأسباب المعينة بجوارحها وقلبها ساجدٌ بين يدي العرش، فمن ذلك الإشارة إلى الأهل كالأب والأخ ممن يستطيع البحث والسؤال والتفتيش، فإن (يا أبت استأجره) ليست من قوادح الحياء، ولكن يكون ذلك في إطار المسموح به اجتماعيًا وعائليًا .. بل يمكنهم - في حدود المسموح - أن يتواصلوا مع من له اتصالٌ واسع من الإخوة الأفاضل ليخبره أن يبحث لوليّته الكريمة عن زوج صالح .. ومثل هذا فعله الأكارم كعمر رضي الله عنه ..

     

    ومن ذلك الإشارة - اللطيفة - إلى النساء المقرّبات، أو حتى مراسلة من لها اتصال واسع من باب الكلام عن الغير، بأن هناك أخت صفتها كذا وكذا ..

     

    ومن ذلك التخفّف من الشروط والقيود والطموحات المثالية، فلا تتمسّك الفتاة كثيرًا بغير الديانة والخُلُق - من غير مبالغة - ثم بالحد المتوسط من التوافق والقَبول .. فهذا كافٍ لإيجادٍ بذرة الحب والدفء التي تُروى مع الأيام ..

     

    ويبنغي للمرأة أن تُعد رُوحها لما يعده الله لها من جميل لطفه وعظيم منّته، فلا تُغرق قلبها في بحر الخوف والقلق حتى تصير يابسة الفؤاد شاحبة الروح عاجزة عن الفرح بنعم الله المستقبلة ..

     

    تنتظر لطفه وكرمه وهي تتقلب في الرضا، وتتشبث بالرجاء، وتسقي جمال الروح في صدرها بالعلم والعبادة والقراءة ومعالجة الحياة واكتساب المهارات وتعلّم الجديد .. ولا تنشغل بانتظار إحدى محطات رحلة الحياة عن ركوب القطار أصلًا ثم الاستمتاع ببقية المحطات !!

     

    رزقنا الله السعادة ونحن في طاعته !