248      1459
  • طافت وهي حائض جهلا بأنه لا يصح، وقد غادرت مكة، فماذا تفعل؟
  • أحمد عبد السلام
    أحمد عبد السلام
    فقه شافعي
  • طفت وأنا حائض وكان عمري 11 عاما، لم يكن ممكنا أن أبقى وحدي ولم أكن أعلم أصلا أنه لا يصح الطواف وأنا حائض، انتهى الحيض قبل مغادرة مكة، لا أتذكر، ماذا عليّ أن أفعل الآن؟
    الحمد لله،
     
    فإن طواف الحائض لا يصح عند جمهور العلماء، إذ الطهارة عندهم شرط لصحة الطواف، وهو الصحيح الذي دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الترمذي وغيره: "اﻟﻄﻮاﻑ ﺑﺎﻟﺒﻴﺖ ﺻﻼﺓ، ﺇﻻ ﺃﻧﻜﻢ ﺗﺘﻜﻠﻤﻮﻥ فيه".
     
    وفي خصوص الحائض قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها كما في البخاري:
    "افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت".
     
    وغير ذلك من الأدلة.
     
    وأما عند الحنفية وفي رواية عن الإمام أحمد فالطهارة واجب من واجبات الطواف، فمن طاف بغير طهارة صح طوافه وعليه الإعادة إن كان بمكة، فإن خرج منها وعاد إلى بلده فعليه دم، وفي قول آخر للإمام أحمد ليس عليه دم إن كان معذورا، وهو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
     
    قال المرداوي الحنبلي في (الإنصاف):
    "ﺇﺫا ﻃﺎﻑ ﻣﺤﺪﺛﺎ، ﻓﺎﻟﺼﺤﻴﺢ ﻣﻦ اﻟﻤﺬﻫﺐ: ﻭﻋﻠﻴﻪ اﻷﺻﺤﺎﺏ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﺰﻳﻪ ﻗﺎﻝ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻭﻏﻴﺮﻩ: ﻫﻮ ﻛﺎﻟﺼﻼﺓ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺣﻜﺎﻡ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺇﺑﺎﺣﺔ اﻟﻨﻄﻖ ﻭﻋﻨﻪ ﻳﺠﺰﻳﻪ ﻭﻳﺠﺒﺮﻩ ﺑﺪﻡ.
    ﻗﺎﻝ ﻓﻲ اﻟﻔﺮﻭﻉ: ﻭﻋﻨﻪ ﻳﺠﺒﺮﻩ ﺑﺪﻡ، ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻤﻜﺔ ﻭﻟﻌﻠﻪ ﻣﺮاﺩ اﻟﻤﺼﻨﻒ. ﻭﻋﻨﻪ ﻳﺼﺢ ﻣﻦ ﻧﺎﺱٍ ﻭﻣﻌﺬﻭﺭ ﻓﻘﻂ، ﻭﻋﻨﻪ ﻳﺼﺢ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻓﻘﻂ ﻣﻊ ﺟﺒﺮاﻧﻪ ﺑﺪﻡ، ﻭﻋﻨﻪ ﻳﺼﺢ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﺋﺾ ﺗﺠﺒﺮﻩ ﺑﺪﻡ ﻭﻫﻮ ﻇﺎﻫﺮ ﻛﻼﻡ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻭاﺧﺘﺎﺭ اﻟﺸﻴﺦ ﺗﻘﻲ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺼﺤﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻌﺬﻭﺭ ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﺩﻡ ﻋﻠﻰ ﻭاﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ".
     
    فطالما أنك كنتِ تجهلين الحكم، ووقع طوافك وفق مذهب معتبر من مذاهب العلماء، وقد مر على ذلك زمن طويل يترتب عليه إن أخذناكِ بقول الجمهور أحكام كثيرة تحصل بها مشاق بالغة، فيحمل فعلك على الصحة وفق هذا المذهب، ولا يلزمك دم ولا شيء.
     
    قال العلامة البدر الأهدل الشافعي: "جميع أفعال العوام في العبادات والبيوع وغيرها مما لا يخالف الإجماع على الصحة والسداد إذا وافقوا إمامًا معتبرًا على الصحيح".
     
    وإن كان في وسعك أن ترسلي بقيمة فدية في مكة تذبح عنكي، فهو أولى وأبرأ للذمة، والله أعلم.