596      1896
  • لستُ مقتنعة بالنقاب وأختي تقول إنه فرض، فمن الصواب؟
  • القاسم نبيل الأزهري
    القاسم نبيل الأزهري
    مدرس مساعد بكلية أصول الدين - الأزهر
  • أنا لستُ مقتنعة بالنقاب، بينما تزعم أختي أنه فرض ولا يصح أن أخرج بوجهي مكشوفا، فمن على حق، أنا أم هي؟

    أحب بداية أن أقول لك شيئا، وهو أنَّ قناعتك الشخصية ليست معيارا يُعرف من خلاله حكم النقاب أو غيره، لا قناعتك ولا قناعته ولا قناعة أحد من الناس استقلالا، لأنَّ الأحكام الشرعية تؤخذ من الأدلة الشرعية وليس من قناعات الناس الشخصية إلا أن يُستَدل عليها من قناعات الفقهاء المعتبرين بشرائطها. نتفق على هذا أولًا.

     

    ثم بعد الاتفاق نقول: النقاب الذي هو ستر الوجه وتغطيته محل خلاف بين العلماء، فمنهم من أوجبه، ومنهم من استحبه، فعلى الأول والثاني من التزمت به ابتغاء مرضاة الله لا رياء ولا سمعة أُثِيبَتْ على ذلك، ومَن لَمْ تلتزم به أَثِمَتْ على القول الأول، ولَمْ تَأثَم على القول الثاني، وإنَّما تكون قد تركت الأفضل فقط، ولا إثْم عليها، بل هي مُثابة على حجابها.
     
     
    لكن من قلَّدت أحد القولين ليس لها أن تقول أنها مقتنعة أو غير مقتنعة بالقول الآخر، هذا ليس مِن وظيفتها، إلا أن تكون من أهل العلم والترجيح بين مذاهب العلماء، وإلا فمن يقلد أهل العلم ليس له أن يصحح ويخطّىء ويُرجِّح ويزيِّف، لأن هذه الوظائف لها شرائط وضوابط، فمَن لم يكن متحققا بها ليس له أن يتلبس بتلك الوظائف.
     
     
    ومِن هنا نعلم: أنَّ المُناظرات التي تُعقَد بين الفتيات في ترجيح وجوب النقاب أو استحبابه، وسَوْقِ الأدلة والاستنباطات مِن النصوص الشرعية، دون معرفة منهن بطرق الاستنباط وطرق التصحيح والتعليل ومسالك الجمع بين الأدلة، وغير هذا مما هو مقرر في أصول الفقه = مسلك خاطىء، ينبغي أن تَتَنكَّبَه الفتيات، وإنما يكتفين بمعرفة وجوب الحجاب في الشريعة إجمالا كما دل عليه القرآن، لأن هذا معلوم بالضرورة من دين المسلمين، ثم يُقلِّدن أحد العلماء المجتهدين في تفاصيل هيئة الحجاب وشروطه ومواضع الستر والكشف ونحو ذلك، ثم يتركن ما وراء ذلك من الجدل، ويجتهدن في التحقق بسائر شعب الإيمان وشعائره الباطنة والظاهرة المتفق على وجوبها، كالصلاة والحياء وحفظ اللسان، وغير ذلك.