710      887
  • هل يأثم المُحفِّظ إذا أخذ أجرًا على تعليم القرآن؟
  • أ.د. حاكم المطيري
    أ.د. حاكم المطيري
    أستاذ التفسير والحديث - جامعة الكويت
  • هل علي ذنب إذا أخذت أجرًا على تحفيظ وتعليم القرآن الكريم؟ مع العلم بأنه مبلغ بسيط جدًا والغير مقتدر لا يدفع.
     
    لا حرج إن احتجت، فأنت إنما تأخذ الأجرة على التعليم لا على القرآن نفسه، وكلما بذلته بالمجان كان خيرًا لك..
     
    فقد جاء في صحيح البخاري عن عثمان -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ قال: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) وفي رواية (أفضلكم).
     
    ولا يكن تعليمك للقرآن مصدر غنى لك واستكثار، بل سبب كفاف، فتأخذ فقط قدر حاجتك بما يعينك على التفرغ لتعليمه..
     
    لِما ورد في أخذ المال عليه من الوعيد، كما في حديث عبد الرحمن بن شبل عند أحمد والطحاوي بإسناد صحيح: (اقرؤوا القرآن، ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به).
     
    وعند أحمد وأبي داود - وصححه الحاكم والضياء المقدسي - عن عبادة بن الصامت، قال:
    علمت ناسا من أهل الصفة الكتاب والقرآن، فأهدى إلي رجل منهم قوسا، فقلت: ليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله عز وجل، لآتين رسول الله فلأسألنه، فأتيته، فقلت: يا رسول الله، رجل أهدى إلي قوسا ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن، وليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله؟ قال: (إن كنت تحب أن تطوق طوقا من نار فاقبلها).
     
    قال الخطابي في معالم السنن ٣/ ٩٩:
    (اختلف الناس في معنى هذا الحديث وتأويله فذهب قوم من العلماء إلى ظاهره فرأوا أن أخذ الأجرة والعوض على تعليم القرآن غير مباح، وإليه ذهب الزهري وأبو حنيفة وإسحاق بن راهويه..
     
    وقالت طائفة لا بأس به ما لم يشترط وهو قول الحسن البصري وابن سيرين والشعبي..
     
    وأباح ذلك آخرون وهو مذهب عطاء ومالك والشافعي وأبي ثور، واحتجوا بحديث سهل بن سعد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال للرجل الذي خطب المرأة فلم يجد لها مهرا (زوجتكها على ما معك من القرآن.)..
     
     وتأولوا حديث عبادة على أنه أمر كان تبرع به ونوى الاحتساب فيه ولم يكن قصده وقت التعليم إلى طلب عوض ونفع، فحذره النبي -صلى الله عليه وسلم- إبطال أجره وتوعده عليه، وكان سبيل عبادة في هذا سبيل من رد ضالة الرجل أو استخرج له متاعا قد عرف تبرعا وحسبة فليس له أن يأخذ عليه عوضا، ولو أنه طلب لذلك أجرة قبل أن يفعله حسبة كان ذلك جائزا..
     
    وأهل الصفة قوم فقراء كانوا يعيشون بصدقة الناس فأخذ الرجل المال منهم مكروه ودفعه إليهم مستحب.
     
    وقال بعض العلماء أخذ الأجرة على تعليم القرآن له حالات فإذا كان في المسلمين غيره ممن يقوم به حل له أخذ الأجرة عليه لأن فرض ذلك لا يتعين عليه..
     
    وإذا كان في حال أو موضع لا يقوم به غيره لم يحل له أخذ الأجرة وعلى هذا تأول اختلاف الأخبار فيه).