745      1291
  • لماذا لا يشرع للمرأة وضع صورها على مواقع التواصل ولا يُحرَّم ذلك على الرجل منعا للفتنة؟
  • محمد سالم بحيري
    محمد سالم بحيري
    فقه شافعي.. تحقيق التراث
  • إذا كان يُحَرَّم على المرأة وضع صورها على مواقع التواصل، أليس ذلك حرام أيضا على الرجال منعا للفتنة خاصة لو كان شكلهم مقبولا؟ أعني أن الأمر قد يكون للطرفين.. أتساءل ولا أنتقد.
     
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعدُ؛
     
    فالأصلُ في أحكام الشريعة: أنَّ "النساءَ شقائق الرجال" كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فما يثبت في الرجال يثبت في النساء.
     
    ولكن الشريعة الغرَّاء قد تسثني المرأة في بعض الأحكام، وذلك لطبيعتها.
     
    فأمرُ المرأة في الشربعة مبنيٌّ على السترِ والصيانة لا على البروز، بخلاف الرجل.
     
    فإذا تأملنا نصوص الشريعة نجد أنها وإن أباحت للمرأة الخروجَ في حوائجها وعباداتها = فإنها جعلت الستر أفضل لها.
     
    فصلاة الجماعة مثلًا عبادة جليلةٌ، وقد أذنَ الله سبحانه وتعالى للنساء في الخروج لها إذا أمنت الفتنة والمحذور الشرعيّ، واستحبَّ للرجال ألا يمنعوا نساءهم عن الجماعة، ومع ذلك بَيّن النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّ صلاة المرأة في بيتها خيرٌ من صلاتها في المسجد.
     
    فقد روى أبو داود بإسنادٍ صحيح أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم_ : (صَلاةُ المرأةِ في بيتِها أفضلُ من صَلاتِها في حُجرَتِها، وصَلاتُها في مُخْدَعِها أفضلُ من صَلاتِها في بيتِها).
     
    و(المُخدع) في لسان العرب: بيتٌ صغيرٌ داخلَ البيت الكبير، تخبئ فيه المرأة ثيابها، وهو بضمِّ الميم وسكون الخاء وفتح الدال، ويجوزُ فيه فتح الميم، و(الحُجرة): صحن الدار.
     
    بل أسقط عن المرأة وجوبَ الجمعة، مع وجوبها على الرجال، صيانة للمرأة وسترًا لها، هذا مع جوازِ حضورها لها بالشرط السابق..
     
    فروى أبو داود بإسنادٍ صحيح أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (الجمعةُ حقٌّ واجبٌ علىٰ كُلِّ مُسلمٍ في جَماعةٍ، إلَّا أربعةٍ: عبدٍ مملوكٍ، أو امرأةٍ، أو صبيٍّ، أو مريضٍ) .
     
    وجعلَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- خيرَ صفوف النساءِ آخرها؛ لكونها أستر الصفوف عن نظر الرجال، مع العكس في الرجال فإنَّ أفضل صفوف الرجال أولها.
     
    فقد روى الترمذيُّ - وقال: حسن صحيح - أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم_ : (خيرُ صفوفِ الرجالِ أولُها، وشرُّها أخرُها، وخيرُ صفوفِ النساءِ آخرُها، وشرُها أولُها).
     
    وفرَّق النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بين الرجال والنساء في أمر تنبيه الإمام في الصلاة، فشرع للرجال التسبيح، وللنساء التصفيق، رغم إنَّ صوت المرأة ليس عورة، كلُّ ذلك سترًا وصيانة للمرأة.
     
    وروى أبو داود بإسناد صحيح أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (التسبيحُ للرجال، والتصفيق للنساء) .
     
    كلُّ هذه النصوص تدلُّك على أن الأصل في أمر المرأة الستر لا البروز، حتى ولو برزت بحجابها الشرعيِّ الفضفاض لا يبدو منها إلا الوجهُ والكفان.
     
    ثمَ أضربُ لكِ مثالًا؛ هل تقبلين أن توزعي صورتك على الرجال في الشارعِ، طبعًا: لا تقبلين.
     
    وضعُ الصورة على الفيس أو غيره إذا كان الحساب غير مخصص للنساءِ مثل ذلك، فبإمكان أيِّ أحدٍ أن يحتفظ بالصورة عنده في جهازه.
    فلا ينبغي للمرأة أن تعرض صورتها لنظر البر والفاجر والصالح والطالح.
     
    الخلاصة:
     
    - وضعُ المرأة لصورتها على الفيس ونحوِه = مكروهٌ تنزيهًا إن كانت بحجابها الشرعيِّ؛ إذ أمر المرأة مبني على الستر.
     
    - جوَّزت الشريعة للمرأة الخروج لعباداتها وحوائجها بالشروط السابقة، مع كون القرار في بيتها أفضلُ لها.
     
    - استقراءُ نصوص الشريعة يدلُّك على أمر المرأة مبنيٌّ على الستر لا على البروز.
     
    والله تعالى أعلى وأعلم.
     
    حفظكم الله، وستركم في الدنيا والآخرة.