90      2950
  • عرض على المشتري سعرًا أقل من سعر السوق، فهل هذا من بيعه على بيع أخيه؟
  • أحمد عبد السلام
    أحمد عبد السلام
    فقه شافعي
  • قرأت حديثا فيه ألاّ يبيع المسلم على بيعة أخيه، فهل لو كنت أتاجر في شيء وذهبت إلى المشتري أعرض عليه بضاعتي بسعر أقل من سعر السوق ليقبل الشراء مني، هل أنا أبيع كذا على بيعة أخي؟ مع العلم أنه قد يوقف الشراء مع الآخر الذي يصنّع مثلي.

    الحمد لله،


    ورد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم نهيان:


    الأول: قوله صلى الله عليه وسلم كما في البخاري:
    "لا ﻳﺒﻊ ﺑﻌﻀﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﻊ ﺑﻌﺾ".


    والثاني: قوله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم:
    "لا يسم الرجل على سوم أخيه".

     

    ومعنى الحديث الأول: أنه لا يحل لأحد بعد ما انعقد عقد البيع، أن يتدخل ليفسد البيع على البائع أو المشتري، بأن يزيد على المشتري في الثمن عند البائع، أو يرخص في الثمن عن البائع عند المشتري، فيدفعه إلى فسخ البيع الذي انعقد لصالحه.

     

    وأما الحديث الثاني: فيختص بمرحلة المساومة قبل انعقاد العقد، فإذا كان البائع والمشتري يتفاوضان، وقد ظهر رضاهما بالبيع، ولم يتعاقدا بعد، فلا يحل لأحد أن يتدخل فيفسد التفاوض بينهما.


    وهذا كله حرصا من الشرع على صلاح ذات بين المسلمين، وغلق أبواب الخلاف والتنازع بينهم.

     

    قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم:


    "ﺃﻣﺎ اﻟﺒﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﻊ ﺃﺧﻴﻪ ﻓﻤﺜﺎﻟﻪ: 
    أن ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻤﻦ اﺷﺘﺮﻯ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﻲ ﻣﺪﺓ اﻟﺨﻴﺎﺭ:
    اﻓﺴﺦ ﻫﺬا اﻟﺒﻴﻊ ﻭﺃﻧﺎ ﺃبيعك ﻣﺜﻠﻪ ﺑﺄﺭﺧﺺ ﻣﻦ ﺛﻤﻨﻪ، ﺃﻭ ﺃﺟﻮﺩ ﻣﻨﻪ ﺑﺜﻤﻨﻪ، ﻭﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ، ﻭﻫﺬا ﺣﺮاﻡ.
    وﻳﺤﺮﻡ ﺃﻳﻀﺎ اﻟﺸﺮاء ﻋﻠﻰ ﺷﺮاء ﺃﺧﻴﻪ، ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻠﺒﺎﺋﻊ ﻓﻲ ﻣﺪﺓ اﻟﺨﻴﺎﺭ:
    اﻓﺴﺦ ﻫﺬا اﻟﺒﻴﻊ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺷﺘﺮﻳﻪ ﻣﻨﻚ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺜﻤﻦ ﻭﻧﺤﻮ ﻫﺬا.

     

    ﻭﺃﻣﺎ اﻟﺴﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺳﻮﻡ ﺃﺧﻴﻪ ﻓﻬﻮ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺪ اﺗﻔﻖ ﻣﺎﻟﻚ اﻟﺴﻠﻌﺔ ﻭاﻟﺮاﻏﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻴﻊ ﻭﻟﻢ ﻳﻌﻘﺪاﻩ، ﻓﻴﻘﻮﻝ اﻵﺧﺮ ﻟﻠﺒﺎﺋﻊ: ﺃﻧﺎ ﺃﺷﺘﺮﻳﻪ، ﻭﻫﺬا ﺣﺮاﻡ ﺑﻌﺪ اﺳﺘﻘﺮاﺭ اﻟﺜﻤﻦ. ﻭﺃﻣﺎ اﻟﺴﻮﻡ ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺎﻉ ﻓﻴﻤﻦ ﻳﺰﻳﺪ ﻓﻠﻴﺲ ﺑﺤﺮاﻡ". انتهى 

     

    ويظهر من ذلك أن النهي يتعلق بكل صفقة على حدة، فعند قيام صفقة بين المتبايعين، سواء في مرحلة التفاوض وبعد ظهور التراضي بينهما على الثمن، أو بعد انعقاد العقد، فإنه يحرم عليك أن تتدخل فيما يتعلق بهذه البيعة أو الصفقة بعينها.


    أما مجرد تقديم عرض أسعار عام، أو حتى عرض أسعار يتعلق بصفقة معينة لم يصل فيها المشتري إلى اتفاق مع أحد، كما في المناقصات ونحوها، فلا شيء فيه ولا يحرم.


    والله اعلم.