الحمد لله،
الأصناف الربوية تنقسم إلى قسمين رئيسيين بحسب علة جريان الربا فيها:
القسم الأول: الأثمان، وهي في الأصل الدنانير وكانت من الذهب، والدراهم وكانت من الفضة، وفي زماننا الآن النقود الورقية المعروفة بمختلف أنواعها، كالجنيه، والدولار، والريال .. إلخ
القسم الثاني: المطعومات، كالقمح، والذرة، واللحم، والفاكهة .. إلخ.
وقد وضع الشرع قواعد تنظم تبادل الأصناف الربوية، على حسب اتفاق أو اختلاف البدلين في العلة (كونه ثمنا أو مطعوما)، وفي الجنس (ذهب، فضة، جنيه، دولار، ريال .. إلخ).
ومن هذه القواعد التالي:
- إذا اتفقا في العلة واتفقا في الجنس وجب التماثل بين البدلين، والحلول، والتقابض في المجلس.
بحيث يقبض كل واحد منهما البدل في نفس المجلس.
مثال: تبادل ذهب بذهب، أو قمح بقمح، فيشترط أن يكونا نفس الوزن، وأن يتقابضا في نفس المجلس.
تبادل دولار بدولار، يشترط أن يكونا نفس القدر، وأن يتقابضا في نفس المجلس.
- إذا اتفقا في العلة، واختلفا في الجنس، وجب الحلول والتقابض، وجاز التفاضل، أي عدم التماثل بين البدلين.
مثال: مبادلة ذهب بفضة، أو دولار بجنيه، لا يشترط التماثل بينهما، ولكن يشترط التقابض في المجلس، فلا يصح تأجيل أحد العوضين.
فيجوز جرام ذهب بعشرة جرامات فضة، أو دولار بعشرين جنيها، وهكذا، ولكن لا بد من قبض العوضين في نفس المجلس، ويحرم تأجيل أحدهما.
- إذا اختلفا في الجنس، مثل ذهب بطعام، جنيه بطعام، فلا يشترط التماثل ولا التقابض.
فيجوز التفاضل، ويجوز التأجيل، بحيث يدفع النقود ويؤجل قبض الطعام أو العكس.
دليل ذلك كله ما رواه مسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"اﻟﺬﻫﺐ ﺑﺎﻟﺬﻫﺐ، ﻭاﻟﻔﻀﺔ ﺑﺎﻟﻔﻀﺔ، ﻭاﻟﺒﺮ ﺑﺎﻟﺒﺮ، ﻭاﻟﺸﻌﻴﺮ ﺑﺎﻟﺸﻌﻴﺮ، ﻭاﻟﺘﻤﺮ ﺑﺎﻟﺘﻤﺮ، ﻭاﻟﻤﻠﺢ ﺑﺎﻟﻤﻠﺢ، ﻣﺜﻼ ﺑﻤﺜﻞ، ﺳﻮاء ﺑﺴﻮاء، ﻳﺪا ﺑﻴﺪ، ﻓﺈﺫا اﺧﺘﻠﻔﺖ ﻫﺬﻩ اﻷﺻﻨﺎﻑ، ﻓﺒﻴﻌﻮا ﻛﻴﻒ ﺷﺌﺘﻢ، ﺇﺫا ﻛﺎﻥ ﻳﺪا ﺑﻴﺪ".
وعلى ذلك وبالرجوع إلى القاعدة الثانية، نعلم أن الصورة المسؤول عنها، وهي تأجيل دفع الدولارات مقابل الحصول على سعر أقل هي في حقيقتها بيع أثمان مع اشتراط التأجيل وعدم التقابض في المجلس، وهذا لا يجوز، وهو من ربا النسيئة المحرم.
وأما ما مضى من صفقات على هذا النحو، فلا يلزمك فيها شيء، ولكن ينبغي أن نعلم أن الواجب على المسلم أن يسأل عن حكم المعاملة قبل الدخول فيها، وليس بعد ذلك.
وقد كان عمر رضي الله عنه يعنف أهل السوق ويقول: من لم يتعلم البيوع وقع في الربا، فلا يبع في سوقنا.
والله أعلم