97      3282
  • يئس من علاج مشكلات الأمة وضعف المسلمين، وهذا يثبطه عن العمل والدعوة
  • أحمد سالم
    أحمد سالم
    المدير العام لمؤسسة (أكاديميك) للدراسات والأبحاث والاستشارات
  • يا شيخ أنا دائما أشعر إن الدولة الإسلامية لم يعد لها قيام؛ وهذا يخذل جهادي في الدين والدعوة، أشعر أن كل الأمور اضطربت وأن الحل قيام الساعة، وأشعر أن علي إثم كبير لهذا الشعور وأنه يأس من روح الله. أوصني!

    ((لم ينشغلوا بتغيير العالم، كان كل طموحهم ينحصر في إيصال أقلام الرصاص لأطفال المدارس في القبائل الأفريقية)).

     

    كم مضى على اقتناعي بالمفهوم الذي تشير له هذه العبارة المقتبسة؟
    أظن عشر سنوات.

     

    سعادة الإنسان ومفتاح خلوصه من إحباطات الحياة المتتالية، ومفتاح العمل الحقيقي لا بطالة الشعارات= يكمن في نجاحه في صناعة الإنجازات الصغيرة المنتظمة والمتتابعة، التغييرات التي لا يشعر بها معظم الناس، ولا يجدونها أعمالًا عظيمة، لكنها تمثل شيئًا عظيمًا جدًا للذين فعلتها لهم.

     

    وكما في اقتباس عظيم آخر:
    - إنَّ كل هذا الذي تفعله، ليس إلا قطرة في بحر.
    - ربما، ولكن، ليس البحر يا سيدي إلا كمًّا من القطرات.

     

    الفسيلة لن تغير العالم، لكنك أمرت بغرسها ولو قامت القيامة؛ لأنك تجدها في ميزان حسناتك تثقله، وهذا هو المهم.

     

    الله لا يكلف نفسا إلا وسعها وما آتاها، وقد كان الكفار يعذبون المسلمين بمشهد من النبي وصحابته، ولم يقل أحد أنهم كانوا مؤاخذين، بل ما زاد رسول الله على الدعاء وأمر المعذبين بالصبر وأمر غيرهم بالهجرة لما أذن لهم.

     

    خرافات الناس الجهلة هي التي بتعطل حياتكم وتفسدها.

     

    يوم القيامة لن تسأل إلا عن المشروع الذي تقدر عليه من عمل يومك وليلتك، لا خلاف في هذا بين أهل العلم، وواجبك نحو مصاب المسلمين هو أن تكره حدوثه وتغضب على فاعله وترجو زواله (فرض عين) وتدعو الله وتنفع من تيسر لك سبيل نفعه من المصابين (فرض كفاية)، ولا يجب عليك غير هذا.

     

    لا تتولوا ما كُفيتم، ولا تُضيعوا ما وُليتُم.
    هذا هو أصل الإصلاح وذروة سنامه؛ ألا يشغل الإنسانُ عمرَه إلا بما يتقنه، ويقدر على تجويده والتميز فيه.

     

    ابحث بهدوء وأناة عن مواهبك ومكامن تميزك، وطورها، وأصلحها، وأصلح بها.

     

    فاعلية المجموع من فاعلية الأفراد، وعندما لا يقوم كل فرد بدوره على أتم وجه= لا تنتظر من أية أمَّةٍ أن تكون أمَّةً فاعلةً مؤثرةً.

     

    وقيام كل فرد بدوره يعني عدة أمور:

     

    أولاً: أن يبذل أقصى جهده في الفعل المتقَن المجود، وأن يكون هذا الفعل مما يُحسنه.

     

    ثانيًا: أن يستمر في تطوير نفسه على مستوى الرؤى والأفكار، ثم على مستوى تجويد الأدوات، وتجويد الفعل، وتجويد ما يُحسن وزيادته.

     

    ثالثًا: أن ينطلق في فعله من مرتكزاته الخُلقية والقِيمية، وأن يجعلها أساس تحديد الخيارات.

     

    رابعًا: شُعَبُ الخير والإيمان وأبواب خدمة الدين كثيرة؛ فلا تنصرف عما تحسن إلى شيء لا تُحسنه، أو إلى شيء لا تطيقه، أو إلى شيء قد قام به أو: عليه، من يُحسنه.

     

    خامسًا: دوائر اهتمامك لا ينبغي أن تطغى على دوائر تأثيرك، اهتم بقضايا المسلمين، لكن لا تبذل في هذا الاهتمام إلا أقل طاقتك، والباقي اصرفه للقضايا التي تستطيع أن تُحدث فيها تغييرًا ملموسًا.

     

    ستؤجر على كل باب من أبواب المسلمين تحمل همَّه، لكنك ستُسأل عن كل باب لم تقم فيه بما كان في وسعك، ووزر التقصير يأكل أجر الهمِّ العاري عن الفعل.

     

    شُعَب الإيمان على طرف الثُّمَامِ منك تنتظر من يشغلها، فلا تضيعها، وتنشغل بالبكاء على ما لا طاقة لك به.

     

    أي شيء ينفعك أن تكتفي بالهم والحيرة والضيق بواقع المسلمين= بينما أمام عينك وبجوار بيتك، وعلى طَرَفِ الثُّمَامِ منك، وبين جنبات نفسك= أبوابٌ مُشرعةٌ، وشُعبُ إيمان تنتظر من يشغلها؟!