فقه الصوم من كتاب الفقه الميسر
عرض موجز لفقه الصوم من كتاب الفقه الميسر، مع ترتيب وتصرفات يسيرة.
عرض موجز لفقه الصوم من كتاب الفقه الميسر، مع ترتيب وتصرفات يسيرة.

 فقه الصوم من كتاب الفقه الميسر

كتاب الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة - كتب إسلامية

⭕ فرض الله عز وجل صيام شهر رمضان، وجعله أحد أركان الإسلام الخمسة ، وتبتت فرضية الصوم بالكتاب والسنة والإجماع، وأجمع المسلمون على كفر من أنكره.
 
⭕ تعريف الصوم شرعا :
 
الإمساك عن الأكل، والشرب، وسائر المفطرات، مع النية، من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس.
وهذا الإمساك هو الركن الأول من أركان الصوم .
والركن الثاني : النية، بأن يقصد الصائم بهذا الإمساك عن المفطرات عبادة الله عز وجل .
وبالنية تتميز العبادات بعضها عن بعض، فيقصد الصائم بهذا الصيام: إما صيام رمضان، أو غيره من أنواع الصيام.
 
⭕ فضل صوم رمضان :
 
- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه) [ البخاري ومسلم ]
 
- وعنه - رضي الله عنه - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) [ مسلم ]
 
⭕ الحكمة من مشروعيته :
 
1- تزكية النفس، وتطهيرها، وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة؛ لأن الصوم يضيق مجاري الشيطان في بدن الإنسان.
 
2- في الصوم تزهيد في الدنيا وشهواتها، وترغيب في الآخرة ونعيمها.
 
3- الصوم يبعث على العطف على المساكين، والشعور بآلامهم؛ لأن الصائم يذوق ألم الجوع والعطش.
 
إلى غير ذلك من الحكم البليغة، والفوائد العديدة.
 
⭕ على من يجب صوم رمضان ؟
 
ج / يجب صيام رمضان على من توافرت فيه الشروط التالية:
 
الإسلام: فلا يجب، ولا يصح الصيام من الكافر.
 
البلوغ: لكنه يصح الصيام من غير البالغ لو صام، إذا كان مميزاً، وينبغي لولي أمره أن يأمره بالصيام؛ ليعتاده ويألفه.
 
العقل: فلا يجب الصيام على المجنون والمعتوه.
لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (رفع القلم عن ثلاثة) فذكر منهم المجنون حتى يفيق، وذكر منهم الصبي حتى يحتلم.
 
الصحة: فمن كان مريضاً لا يطيق الصيام لم يجب عليه، وإن صام صح صيامه؛ لقوله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة: 185] . فإن زال المرض وجب عليه قضاء ما أفطره من أيام.
 
الإقامة: فلا يجب الصوم على المسافر؛ لقوله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) الآية؛ فلو صام المسافر صَحَّ صيامه، ويجب عليه قضاء ما أفطره في السفر.
 
الخلو من الحيض والنفاس: فالحائض والنفساء لا يجب عليهما الصيام، بل يحرم عليهما؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أليس إذا حاضت لم تصلِّ، ولم تصم؟، فذلك من نقصان دينها) .
ويجب القضاء عليهما؛ لقول عائشة رضي الله عنها: (كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة) .
 
⭕ النية في صوم رمضان :
 
صيام الواجب لا ينعقد بنية من النهار، ولابد فيه من نية الليل.
وتكفي نية واحدة في بداية رمضان لجميع الشهر، ويُستحب تجديدها في كل يوم.
 
⭕ الأعذار المبيحة للفطر في رمضان:
 
✔️ الأول : المرض والكبر، فيجوز للمريض الذي يُرجى برؤه الفطرُ، فإذا برئ وجب عليه قضاء الأيام التي أفطرها .
قال تعالى : (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة: 185] .
 
والمرض الذي يرخص معه في الفطر هو المرض الذي يشق على المريض الصيام بسببه.
 
أما المريض الذي لا يرجى برؤه، أو العاجز عن الصيام عجزاً مستمراً كالكبير: فإنه يفطر، ولا يجب عليه القضاء، وإنما تلزمه فدية، بأن يطعم عن كل يوم مسكينا .
 
والإطعام نصف صاع من بر، أو تمر، أو أرز، أو نحوها من قوت البلد، ومقدار الصاع كيلوان وربع تقريباً (2.25) فيكون الإطعام عن كل يوم: كيلو جرام ومائة وخمسة وعشرين جراماً (1125 جرام) تقريباً.
 
هذا وإن صام المريض صح صيامه وأجزأه.
 
✔️ الثاني : السفر؛ فيباح للمسافر الفطر في رمضان، ويجب عليه القضاء؛ لقوله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة: 184] .
ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمن سأله عن الصيام في السفر: (إن شئت فصم، وان شئت فأفطر) .
 
ويباح الفطر في السفر الطويل الذي يباح فيه قصر الصلاة ، وهو ما يقدر بثمانية وأربعين ميلاً، أي: حوالي ثمانين كيلو متراً.
 
والسفر المبيح للفطر في رمضان هو السفر المباح، فإن كان سفر معصية أو سفراً يُراد به التحايل على الفطر، لم يبح له الفطر بهذا السفر.
 
وإن صام المسافر صَحَّ صومه وأجزأه، لحديث أنس - رضي الله عنه -: (كنا نسافر مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم) .
 
ولكن بشرط ألا يشق عليه الصوم في السفر، فإن شقَّ عليه، أو أضَرَّ به، فالفطر في حقه أفضل؛ أخذاً بالرخصة؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى في السفر رجلاً صائماً قد ظُلِّلَ عليه من شدة الحر، وتجمع الناس حوله، فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ليس من البرِّ الصيام في السفر) .
 
✔️ الثالث : الحيض والنفاس.
 
فالمرأة التي أتاها الحيض أو النفاس تفطر في رمضان وجوباً، ويحرم عليها الصوم، ولو صامت لم يصح منها؛ لحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (أليس إذا حاضت لم تصلِّ ولم تصم؟ فذلك من نقصان دينها) [ البخاري ]
 
✔️ الرابع : الحمل والرضاع.
 
فالمرأة إذا كانت حاملاً أو مرضعاً، وخافت على نفسها أو ولدها بسبب الصوم جاز لها الفطر، لما رواه أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة والصوم، وعن الحبلى والمرضع الصوم) .
 
وتقضي الحامل والمرضع مكان الأيام التي أفطرتاها، وذلك إن خافتا على نفسيهما.
فإن خافت الحامل مع ذلك على جنينها، أو المرضع على رضيعها؛ أطعمت مع القضاء عن كل يوم مسكيناً؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: (والمرضع والحبلى إذا خافتا على أولادهما أفطرتا، وأطعمتا) .
 
✍️ فتلخَّص من ذلك أن الأسباب المبيحة للفطر أربعة:
1- السفر
2- والمرض
3- والحيض والنفاس
4- والخوف من الهلاك، كما في الحامل والمرضع.
 
⭕ مفطرات الصائم:
 
وهي الأشياء التي تفسد على الصائم صومه وتفطره.
 
ويفطر الصائم بفعل أحد الأمور التالية:
 
الأكل أو الشرب عمداً .
أما من أكل أو شرب ناسياً فصيامه صحيح، ويجب عليه الإمساك إذا تذكَّر، أو ذكر أنه صائم؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب، فليتمَّ صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه) البخاري ومسلم .
 
الجماع .
فمَنْ جامع وهو صائم بطل صيامه، وعليه التوبة والاستغفار، وقضاء اليوم الذي جامع فيه، وعليه مع القضاء كفارة، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً.
 
وفي معنى الجماع: إنزال المني اختيارا؛ فإذا أنزل الصائم مختاراً بتقبيل، أو لمس، أو استمناء، أو غير ذلك فسد صومه؛ لأن ذلك من الشهوة التي تناقض الصوم، وعليه القضاء دون الكفارة؛ لأن الكفارة لا تلزم إلا بالجماع فقط، لورود النص خاصاً به.
 
أما إذا نام الصائم فاحتلم، أو أنزل من غير شهوة كمن به مرض، فلا يبطل صيامه؛ لأنه لا اختيار له في ذلك.
 
التقيؤ عمداً .
أما إذا غلبه القيء وخرج منه بغير اختياره، فلا يؤثر في صيامه؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (من ذَرَعَهُ القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمداً فليقض)
 
الحجامة .
لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أفطر الحاجم والمحجوم)
 
وفي معنى الحجامة : من أجل التبرع به.
أما خروج الدم بالجرح، أو قلع الضرس، أو الرعاف فلا يضر؛ لأنه ليس بحجامة، ولا في معناها.
 
خروج دم الحيض والنفاس.
 
فمتى رأت المرأة دم الحيض أو النفاس أفطرت، ووجب عليها القضاء؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في المرأة: (أليس إذا حاضت لم تصلِّ، ولم تصم)
 
نية الفطر.
فمن نوى الفطر قبل وقت الإفطار وهو صائم، بطل صومه، وإن لم يتناول مفطراً، فإن النية أحد ركني الصيام، فإذا نقضها قاصداً الفطر، ومتعمداً له، انتقض صيامه.
 
الرِّدة،.
لمنافاتها للعبادة، ولقوله تعالى: (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) .
 
⭕ مستحبات الصوم ..
 
يستحب للصائم أن يراعي في صيامه الأمور التالية:
 
1- السُّحُور:
لقوله - ﷺ -: (تسحروا فإن في السحور بركة) .
ويتحقق السحور بكثير الطعام وقليله، ولو بجرعة ماء.
ووقت السحور من منتصف الليل إلى طلوع الفجر.
 
2- تأخير السُّحُور:
لحديث زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: تسحرنا مع رسول الله - ﷺ -، ثم قمنا إلى الصلاة، قلت: كم كان قدر ما بينهما؟ قال: خمسين آية.
 
3- تعجيل الفطر:
فيستحب للصائم تعجيل الفطر متى تحقق غروب الشمس، فعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن النبيَّ -ﷺ - قال: (لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفطر) .
 
4- الإفطار على رُطَبَات:
فإن لم يجد فتمرات، وأن تكون وتراً، فإن لم يجد فعلى جرعات من ماء؛ لحديث أنس - رضي الله عنه - قال: (كان رسول الله -ﷺ- يفطر على رُطَبَاتٍ قبل أن يصلِّي، فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات، فإن لم تكن حَسا حسوات من ماء) .
فإن لم يجد شيئاً نوى الفطر بقلبه، ويكفيه ذلك.
 
5- الدعاء عند الفطر، وأثناء الصيام:
لقوله - ﷺ -: (ثلاثة لا تُرد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، والمظلوم) .
 
6- الإكثار من الصدقة، وتلاوة القرآن، وتفطير الصائمين، وسائر أعمال البر.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله - ﷺ- أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن، فرسول الله -ﷺ- حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة) .
 
7- الاجتهاد في صلاة الليل:
وبالأخص في العشر الأواخر من رمضان؛ فعن عائشة رضي الله عنها: (كان النبي - ﷺ - إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله) .
ولعموم قوله -ﷺ-: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدَّم من ذنبه) .
 
8- الاعتمار:
لقوله - ﷺ-: (عمرة في رمضان تعدل حجة) .
 
9- قول: "إني صائم" لمن شتمه:
وذلك لقوله - ﷺ-: (وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد، أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم) .
 
⭕ مكروهات الصيام ..
 
يكره في حق الصائم بعض الأمور التي قد تؤدي إلى جرح صومه، ونقص أجره، وهي:
 
1- المبالغة في المضمضة والاستنشاق: وذلك خشية أن يذهب الماء إلى جوفه؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) .
 
2- القُبْلَة لمن تحرك شهوته، وكان ممن لا يأمن على نفسه.
وكذلك عليه تجنب كل ما من شأنه إثارة شهوته وتحريكها.
 
3- بلع النخامة: لأن ذلك يصل إلى الجوف، ويتقوى به، إلى جانب الاستقذار والضرر الذي يحصل من هذا الفعل.
 
4- ذوق الطعام لغير الحاجة: فإن كان محتاجاً إلى ذلك -كأن يكون طبَّاخاً يحتاج لذوق ملحه وما أشبهه- فلا بأس، مع الحذر من وصول شيء من ذلك إلى حلقه.