349      2319
  • كيف يدخل النار من لم يؤذ أحدًا لأن قناعاته لم تتضمن الإسلام؟
  • د.حسام الدين حامد
    متخصص في القضايا الفكرية
  • كيف لشخص عاش حياته وهو صالح نقى القلب لا يؤذى أحدا أن يكون مصيره النار فقط لأن قناعاته لم تتضمن الإسلام؟

    منذ أسبوعين تقريبًا سألتُ طبيبًا مقيمًا عن حالة في المستشفى فقال "الحالة زي الفل"، استغربت فالحالة تخطت الثمانين وهي على جهاز التنفس الصناعي بسوء حالة التنفس قبل أن تدخل العمليات بانسداد معوي فكيف تكون بعد التدخل الجراحي أصبحت "زي الفل"!!

     

    - أنت متأكد؟!
    - آه، الحالة بطنها كويسة وأمورها تمام!
    - طيب ونفسها؟!
    - لا ما هي على التنفس الصناعي في العناية!!
    - والضغط؟!
    - على نورأدرينالين!
    - يابني أمال زي الفل إزاي!!
    - بس بطنها كويسة!!
    - بطنها كويسة إيه!! الحالة دي لو عاشت لآخر الأسبوع تبقى معجزة!
     
    بعد يومين بالضبط قابلني صباحا وأخبرني أن الحالة ماتت، وأبدى استغرابه من توقعي موتها رغم أنها كانت "زي الفل"!! طبعًا كان الرد عليه مطولًا لكن خلاصته أن الإنسان ليس عضوًا واحدًا وأن تقييم الإنسان يكون بالنظر إلى كافة وظائفه لا وظيفة واحدة أو عضو واحد!! مع الوقت سيفهم هو ذلك وسيعرف كيف يحكم على حالة المريض وتطورها!
     
     
    الإنسان الذي لا يؤذي أحدًا ويفعل الأعمال الصالحة ينبغي أن يشكر الله على أن هداه إلى هذا السلوك الحسن، الإنسان نقي القلب ينبغي أن يقبل الحق وينقاد له، عدم أذيته الناس وسلوكه الحسن هذا شأنٌ دنيوي يثاب عليه في الدنيا بثناء الناس وحسن معاشرتهم له وما شابه، لكن ما علاقة ذلك بالآخرة!!؟ هو نقي القلب في الآخرة لكنه رفض الإسلام لله مثل هو زي الفل في الدنيا لكنه على جهاز التنفس الصناعي!
     
     
    مشكلة سؤالك هذا أنّه اختصار مخلٌ لأفعال الإنسان وحياته في سطرٍ واحد، ماذا عن آلاف الآلاف من أعماله القلب والجوارح التي قام بها هذا الشخص، دون النظر إلى "لماذا لم يكن الإسلام جزءًا من قناعاته؟" هل كان ذلك عن جهل أو كبر أو إعراض؟ وهل هذا أمرٌ هين لا يستحق العقاب؟! وإن كان نال جزاء حسن سلوكه في الدنيا فلماذا ينتظر جزاءً في الآخرة؟! وإن كان لم ينل جزاء إعراضه عن الإسلام في الدنيا فلماذا نستغرب أن ينال جزاء إعراضه في الآخرة؟! هل كان الأمر أنّه لم يبلغه خبر الإسلام فحكمه كحكم أهل الفترة ويمتحن في الآخرة امتحانًا يليق بالآخرة؟!
     
     
    المسلم نفسه يؤمر بعمل الصالحات وفعل الخيرات وصلة الأرحام وترك المنكرات، ويؤمن بالله ورسله وملائكته وكتبه واليوم الآخر والقدر خيره وشره، ومع ذلك فهو يعلم أنه لن يدخل الجنة بعمله ولكن بفضل من ربه، فكيف ننادي بأحقية غير المسلم في النعيم في الآخرة بناءً على عمله فقط؟!