365      10029
  • كفارة الجماع فى نهار رمضان، وهي على الزوجين أم الزوج فقط؟
  • محمد سالم بحيري
    محمد سالم بحيري
    فقه شافعي.. تحقيق التراث
  • هل كفارة الجماع فى نهار رمضان واجب لها صيام شهرين متتابعين أم يجوز إطعام 60 مسكين نظرا لأنى أعمل بالخارج وشاق عليا الصوم؟ وهل الكفارة على الزوج والزوجة أم الزوج فقط؟
    الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسولِ الله، أمَّا بعدُ؛
     
    فالأصلُ أنَّ كفارة إفسادِ يومٍ من رمضان بجماعٍ = على الترتيبِ، وليست على التخيير.
     
    ولا عتق للرقبة في زماننا، فهي صيامُ شهرين متتابعين، فإن عجزتَ فإطعامُ ستين مسكينًا.
     
    بقِي النظرُ هنا في مشقتِك.
     
    فإذا كانت المشقَّة التي تلحقك من صومِ شهرين متتابعين تصلُ إلى حدِّ أنكَ تعجَزُ عن الاكتسابِ، أو تمرضُك = ففي هذه هذه الحالة: يباحُ لكَ الانتقالُ إلى الدرجة التالية في الكفارة، وهي إطعامُ ستين مسكينا؛ إذ لا يكلِّف الله نفسًا إلا وُسعها.
     
    وكذلك من الأعذارِ التي تبيحُ لكَ الانتقالَ من صيامِ شهرين متتابعين إلى إطعام ستين مسكينًا = شدَّة الغلمة، أي: الشبق واشتدادُ الحاجة إلى النكاح، ودليلُه قولُ المُظَاهِر (وهو سلمة بن صخر) لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم: «وهل أصابَنِي ما أصابني إلا في الصيام»، وكفارة الجماعِ في نهار رمضان مقيسة عليها.
     
    فإذا كانت المشقة على هذا النحوِ = فلا حرج من الانتقال إلى الدرجة التالية في الكفارة، وهي إطعام ستين مسكينًا.
     
    أمَّا إذا كانت مجرَّد الإرهاق المتعب الذي يلقاهُ النَّاس في حرِّ الصيف في رمضان = فهذا لا يبيحُ لك العدول عن صيام شهرين متتابعين.
     
    بقي إذن الشق الثاني في السؤال، هل الكفارة على الزوجِ، أو الزوج والزوجة ؟
     
    خلافٌ بين الفقهاءِ، ومذهبُ الإمام الشافعيِّ رضي الله عنه أنَّ الكفارة على الزوجِ وحدَهُ.
     
    وذلك لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حينما جاءَهُ الرجلُ الذي جامعَ امراته في نهارِ رمضان أوجبَ عليه الكفَّارة، ولم يذكر المرأة، ولم يستفصل عن حالِها من الرَّجل، وتركُ الاستفصالِ في وقائع الأحوال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في الاستدلالِ.
     
    فقد قالَ النبيُّ له: «هل تجدُ رقبة تعتقها؟»، قال: «لا»، قالَ: «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟»، قال: «لا»، فقال: «فهل تجدُ إطعامَ ستين مسكينًا»، قال: «لا».
     
    فدلَّ ذلك على أنَّ الكفارة على الزوج وحدَهُ؛ إذ هو الفاعلُ، ولو كانت على الزوجة معه لاستفصل النبيُّ صلى الله عليه وسلم من الرَّجل أمطيعة له أو مكرهة.
     
    قالَ الإمام الشافعيُّ رضي الله عنه: «وإذا كفَّرَ أجزَأَ عنهُ وعن امرأتِه، وكذلك في الحجِّ والعمرةِ، وبهذا مضَت السُّنة، ألا ترَى أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلم لم يقل تكفِّر المرأة».
     
    والله تعالى أعلى وأعلم.