شيخنا، ما الحكمة من تحريم الخمر؟ لو شرب أحدٌ الخمر في بيته ولن يخرج ويؤذي الناس بسكره، أو أراد أحدٌ أن يجربها وتجربة إحساس السكر؟ لن أفعل هذا بالطبع لكني أتساءل.
الحكمة الأساسية في تحريم الخمر ما ورد في القرآن أنه يوقع العداوة والبغضاء ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة.
وهذا لا ينفك عن شارب الخمر، بعضه أو كله.
وليس جميعه متعديا، بل منه الفاسد كما هو واضح في الآية، والمفاسد المذكورة على سبيل التمثيل لعمومها وكثرة وقوعها.
وإمكان تخلفها شيء قليل جدا لا يعتبر به في الأحكام الشرعية التي تسد الذرائع المفضية للفساد كليا أو غالبا.
ومن يزعم أنه لا يفعل إن شرب، ليس بواثق من ذلك، فإنه يحتمل إن سكر أن يفعل ما لا يريده ولا يحس به، من المحرمات اللازمة أو المتعدية إلى الغير، وهذا مشاهد معروف، ثم إن شرب القليل من الخمر يفضي إلى الإدمان وإلى الكثير، وهذا أيضا غالب، فإذا أدمن كان أكثر مقاربة للمفاسد المذكورة في الآية على سبيل التمثيل للأكثر والأعظم، فكيف يكون ذلك العذر قادحا في حكمة التحريم؟
والمنشأ الأساس والمعنى الذي يرجع إليه تحريم الخمر ويجمع بين جميع مفاسده هو انحطاط الإنسان عن ميزة العقل التي حباه الله بها، فهو من هذه الجهة نوع من تغيير خلق الله، قال تعالى: فطرة الله التي فطر الناس عليها، لا تبديل لخلق الله.
ولذلك جاءت الشريعة المحمدية بتحريم الخمر جملة ولو لم تسكر، فكانت أكمل الشرائع في ذلك.