829      266
  • هل الكسل عند أداء الصلاة يُعد نفاقا؟
  • أ.د. حاكم المطيري
    أ.د. حاكم المطيري
    أستاذ التفسير والحديث - جامعة الكويت
  • أنا كلما تذكرت آية: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى}، قلبي يرتجف لأني هكذا غالبا، ولكن ليس ذلك تقليلا من قدر الصلاة ولقاء الله عَزَّ وَجَلَّ، وإنما يكون مثلا بسبب كوني متعبة وغير ذلك، ودائما أرى أحاديث وآيات كثيرة عن النفاق واحتمالية أن أكون منافقة وأنا لا أشعر بذلك، فالمنافقين كانوا يقوموا للصلاة ويصوموا ويتصدقوا، فماذا أفعل لأني خائفة جدا من أن أكون منهم؟
     
    الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعدُ؛
     
    هذه صفة من صفات المنافقين في كل أحوالهم: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا}، فكل منافق لا يقوم إلى الصلاة إلا كسلا يرائي الناس بصلاته، ولولا وجود الناس لما صلى، ولا يذكر الله عَزَّ وَجَلَّ ولا يصلي إلا قليلا، وليس كل من قام إلى الصلاة وهو كسلان منافقا بل قد يقع هذا من المؤمن أحيانا!
     
    فهذا الوصف مطرد في المنافقين جميعا، كلما وُجِد النفاق وُجِد الكسل والرياء، فلا يوجد منافق يقوم إلى الصلاة نشيطا بلا رياء، وليس وصفا منعكسا فقد يوجد كسل ولا يوجد نفاق، فقد يوجد من المؤمنين من يصلي وهو كسلان وليس منافقا..
     
    والنفاق في الآية مجموع من عدة أوصاف معتبرة يجب مراعاتها وهي:
     
    1- {إن المنافقين يخادعون الله}، فيظهرون الإيمان ويبطنون في قلوبهم نقيضه وهو الكفر بالله ﷻ ورسوله ﷺ وكتابه واليوم الآخر!
     
    2- {وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى}، فكلما قاموا إلى الصلاة وهي أوجب الفرائض وأظهر شعائر الإسلام والإيمان قاموا إليها في كل أحوالهم كسالى بلا نشاط ولا رغبة!
     
    3- {يٌراءون الناس}، في كل أعمالهم فلا نية لهم فيها حين أدائها، ولا إخلاص لله سبحانه وتعالى في أعمالهم، والفعل المضارع يفيد استمرار هذا الفعل منهم وتجدده بشكل دائم!
     
    4- {ولا يذكرون الله إلا قليلا} أمام الناس فقط، فلا يذكرونه كالمؤمنين ذِكرا كثيرا قياما وقعودا وعلى جنوبهم بالتسبيح والحمد والاستغفار والدعاء.
     
    5- {مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء}، فلا هم مع المؤمنين في باطنهم وإن اضطرهم وجودهم معهم للتظاهر بالإسلام فهم معهم باللسان لا بالمشاعر والجنان، ولا هم مع الكافرين في ظاهرهم لوجودهم بين ظهراني المسلمين وأرضهم، فهم مع الكافرين بقلوبهم وعواطفهم يفرحون بفرحهم ويحزنون لحزنهم!
     
    وعلى كل حال من خاف على نفسه من النفاق فليس بمنافق، ومن يصلي ولو وحده فليس بمنافق، ومن يذكر الله جَلَّ جَلاله كثيرا فليس بمنافق، ومن يعمل الصالحات ولو سرا كالصدقة والذِكر والصلاة والصوم فليس بمنافق، ومن حافظ على الوضوء فهو مؤمن وليس بمنافق، كما جاء في الحديث لأن الوضوء من عبادات السر فلا يعلم حال المصلي وهل هو على طهارة أم لا إلا الله ﷻ وحده.
     
    والله أعلم.