منشور مُهمّ مُيسّر مُحَرَّر، في مسألة يغفل عنها كثير من الناس، وهي مسألة قضاء الصلوات الفائتة، لعلّ من عليه شيء منها ينشغل بقضائها في هذا الزمان الشريف، فيُبرئ ذمّتَه ويُتمّ توبتَه.

اعلموا أوّلًا أن قضاء الصلوات الفائتة واجب في قول جماهير الفقهاء، وعليه المذاهب الأربعة، وأكثر الفقهاء يجعلون القول بعدم القضاء قولٌا شاذًّا لا يسوغ.

وينبغي للمُسلم أن يحتاط لعمود دينِه ويأخذ في شأنها بالأحوط والأسلم.

ثانيًا: أجر قضاء الفوائت أعظم من أجر النوافل، كما في الحديث القدسي "وما تقرّبَ إليّ عبدي بشيءٍ أحبّ إليّ مما افترضتُه عليه".

بل قال المالكية وغيرهم: لا يجوز لمن عليه فوائت أن ينشغل بغيرها، فلا يجوز له أن يُصلّي النوافل أصلًا، لا تراويح ولا غيرها، واستثنوا من ذلك: الشفع والوتر وسُنّة الفجر.
وقد يصعب على نفوس بعض الناس ألا يُصلّوا التراويح أو النوافل، أقول: قد تقرّر أن أجر القضاء أعظم، وأنه أوجب وأحبّ إلى الله، فاعبد الله على مُراد الله لا على مُراد نفسك.

ولتطمئن، فقد قال جماعة من الفقهاء: إن من أدّى الفرائض الفائتة في وقت قيام الليل: وقع له أجر القيام، لأنه شَغَل وقت القيام بصلاة، وهو المقصود.

ثالثًا: أمّا عن كيفية القضاء، فيجوز القضاء في كل وقتٍ، وعلى أي ترتيب -عند الجمهور- ، المهم أن تقع الصلاة على صورتها، يعني الفجر ركعتان والظهر أربعًا، وهكذا.

رابعًا: بالنسبة لأقلّ عدد من الصلوات يقضيه الإنسان في اليوم لكي لا يكون مُقصّرًا آثمًا: فأكثر الفقهاء لا يُحددون عددًا، بل يقولون إن الإنسان يجب أن يقضي ما عليه في كل وقتٍ زائد عن احتياجاته الأساسية من أكل وشرب ونحو ذلك، وحدّد العدد بعضهم فقال: إن قضى الإنسان خمسة أيام مما عليه فليس مُفرّطًا.

فليجتهد الإنسان في القضاء، وليعلم أنه لا يتفضّلُ بذلك أو يفعله تبرُّعًا، بل هو دَينٌ في ذمّته يُؤدّيه، فلا يتبرّم منه أو يتأفف، بل يُؤدّيه بنفسٍ راضية، وإن خفّف في أدائه -بما لا يُخلّ بالصلاة- فلا بأس، فلا بأس عند جمهور الفقهاء أن يصلّي بالفاتحة وحدها، وأن يكتفي بتسبيحة واحدة في الركوع وفي السجود، مع الطمأنينة.

تقبّل الله منا ومنكم صالح الأعمال.