ثم خسّت هذه الصناعة فتعرض لها الجهال، فبعد عن الحضور عندهم المميزون من الناس، وتعلق بهم العوام والنساء. • الإمام ابن الجوزي.
«كان الوعاظ في قديم الزمان علماء وفقهاء، وقد حضر مجلس عُبيد بن عمير، عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-، وكان عمر بن عبد العزيز يحضر مجلس القُصَّاص، ثم خسّت هذه الصناعة فتعرض لها الجهال، فبعد عن الحضور عندهم المميزون من الناس، وتعلق بهم العوام والنساء».
• الإمام ابن الجوزي.
 
"الوعظ الديني" لا يستطيعه كل أحد، ولا يؤثر به كل متصدر، بل له رجاله كما أن للغوص في العلم وتحقيق مسائله رجاله، وقد ترى أحدهم ضليعًا في علوم الآلة والكلام وعلل الحديث وفقيهًا مبرزًا ولا يكاد ينطق ببنت شفة في الوعظ ولا يستطيعه..
والتقليل من أثره ليس بجيد، فغالب من طلب العلم ودرس الكتب بدأ طريقه على يد واعظ، وكان السلف يكثرون الوعظ ويرفعون من شأن الموعظة ودمعة العين ورجفة القلب، وقشعريرة البدن.
 
وكانوا يحبون الوعظ من عالم بالدين غير جاهل ولا متعالم، وكانوا يختبرون الوعاظ ليعلموا صدق حديثهم.
 
والتقليل من قيمة الوعاظ والتهوين من ثغرهم الذي وقفوا عليه ليس بجيد، ولا في صالح أفراد الأمة وجموعهم.
 
لكن الذي يحزن القلب أن الأمر في عصرنا وسِّد إلى غير أهله، فصار همّ كثير من الوعاظ جلب المتابعين وصار تمييع الدين ذريعة لذلك لأن أغلب جمهورهم من النساء وضعفاء الدين، وبالغوا في الكلام عن الرجاء حتى قل خطر المعصية في النفوس ووصل إلى حد الجرأة على الله من باب الرجاء، كما يقول ابن الجوزي.
 
فليتق الله كل متصدر للوعظ، وليؤدِ الدين كما أنزل، وليوازن بين الخوف والرجاء والثواب والعقاب ولا يطغى بأحدهما على الآخر.
 
سهل الغازي