363      1114
  • لماذا يعاقب الكافر بالعذاب الأبدي رغم أن الحياة قصرة؟
  • كمال المرزوقي
    كمال المرزوقي
    فقه الإمام مالك
  • لماذا يعاقب ربنا الكافر بعذاب أبدي رغم أن حياته مدتها قصيرة؟

    يمكن أن يجاب بطرق كثيرة ورأيي أنّه دائما يبقى هناك من لا يقتنع لأنّ كثيرا من النّاس لا يردّ عدم اقتناعه لنقص علمه وآلاته في الفهم، بل لضعف الجواب، أو عدمه أصلا في نظره.

     

    والطّريق الوحيد الّذي يشفي من الشّبهات هو طلب العلم من مظانّه وطريقه الطّويل اللّاحب، لا بإدخال النّفس في المضايق ثمّ معالجة طلب الدّواء، فالعلم وابتداءه من صغيره قبل كبيره مناعة وتطعيم، والأجوبة بعد الوقوع في الإشكال دواء، وبينهما كما بينهما.
     
    فمسألتك هذه مثلا، وهي قديمة مشهورة مبسوط جوابها في مظانّه من كتب أهل العلم في الاعتقاد والكلام والفلسفة:
     
    يمكن أن نجيب عنها فنقول: من أين هذا الشّرط للعدل بأن تستوي مدّة العقوبة مع مدّة الذّنب؟
     
    الطّالب يدرس عاما كاملا ويتعب ويسهر ثمّ يمتحن في دقائق أو ساعة أو ساعتين، فيرسب فيعيد عاما كاملا، هل هناك من قال إنّ هذا ظلم مضادّ للعدل..؟
     
    السّارق يسرق في ثانية فيعاقب في القوانين الوضعيّة بسنوات طويلة، ولم نسمع من قال إنّ هذا ليس عدلا؛ وعلى هذا فقس ما شئت.
     
    ويمكن أيضا أن نقول: من أين قلتم إنّ الكفر أصلا ذنب محدود
    وما يكون جوابكم لو قلنا لكم نفس جواب النّصارى المشهور من كون الإله غير محدودا وعدم طاعته يجب أن يكون عقابها غير محدود، غير أنّنا لكوننا لا نقول بتخليد كلّ عاص في النّار، سنقول لكم هذا في الكفر وحده، فنقول هو ذنب غير محدود يستحقّ عقابا غير محدود.
     
    ثمّ ماذا لو قلنا لكم: لو أنّ هذا الكافر بقي خالدا مخلّدا في الدّنيا هل كان سيبقى كافرا مذنبا أم يتوب ويؤمن؟
     
    وجوابكم عن هذا تخرّص واحتمال، لكنّه في علم الله الّذي علم ما كان وما سيكون وما لم يكن أن لو كان كيف كان يكون = معلوم، وقد قال جلّ وعلا: " ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه ".
     
    فيكون عقابه ههنا أبديّا جزاء ذنب أبديّ معلوم في علم الله، وليس لكم إلى نفي هذا سبيل ولا يصحّ لكم عليه اعتراض ما أقررتم أنّ الإله مطلق العلم وهي دعوانا
     
    فهذه ثلاث جوابات ممّا يسمح به مثل هذا الموضع
    والله تعالى ربّنا أعلم لا إله إلّا هو، فعّال لما يريد، والحمد لله.